تبدو
وكأنها مصنوعة من الذهب.. فى جسدها رشاقة وانسيابية.. ذيلها صغير مستقيم..
عيونها ذكية.. لحمها طرى غنى بالأملاح المعدنية والفيتامينات والكالسيوم
والفسفور.. له قدرة عجيبة على منح سعرات حرارية عالية يحتاجها الجسم
الإنسانى.. إنها سمكة "الدنيس" التى يعرف قيمتها جيداً الباحثون والصيادون
وتجار الأسماك ومتذوقوها..!!
فى المياه الساحلية والبحيرات الضحلة تعيش سمكة الدنيس حياتها.. قيمتها
المرتفعة.. وندرة وجودها.. أهم أسباب ارتفاع أسعارها.. لكن عشاقها من
الآكلين لا يبخلون فى سبيلها بشئ.. مما يدفع عشاقها من الصيادين إلى
متابعتها والصبر عليها للوصول إليها.. حيث أنها تفضل العيش فى المياه
المالحة بالقرب من مصبات الأنهار..
عشاق الدنيس فى الإسكندرية لا يمكن عدهم.. ولكل منهم أسبابه.. أما الدكتور
حافظ عبد الحميد حسن بالمعهد القومى لعلوم البحار بالإسكندرية ، والدكتور
عبد العزيز نور رئيس قسم الإنتاج الحيوانى بكلية الزراعة بالإسكندرية،
فعشقهما للدنيس له أسباب علمية..
كل وقتهما يقضيانه فى صحبة الدنيس فى بيئته الطبيعية (المياه المالحة)..
ويحاولان مساعدته على العيش فى المياه العذبة.. بهدف استزراعه بكميات
كبيرة تكفى احتياجات السوق..
والدنيس لا يخذلهما.. استجابته لهما كبيرة.. ليس فقط بحكم (الحب والعشرة).. ولكن نتيجة التجارب العلمية التى قاما بها..
صنع الباحثان أحواض تجريبية عديدة.. بالضبط 24 حوض زجاجى سمك 6مم بأبعاد
100سم × 40سم × 30سم .. وفى كل صندوق 100 لتر ماء درجة ملوحته
الابتدائية ثابتة وهى 32 جزء فى الألف..
أحضرت يرقات الدنيس من المفرخ البحرى بالكيلو 21 غرب الإسكندرية.. وتم تخزينها لمدة 48 ساعة للتخلص من اليرقات النافقة..
أهم العوامل التى ركز عليها الباحثان: درجة الملوحة والضغط الأسموزى..
كان الهدف هو تقليل درجة ملوحة المياه بالتدريج للوصول إلى مرحلة المياه العذبة للتأكد من إمكانية تأقلم الدنيس معها والعيش فيها..
وكان الضغط الأسموزى عاملاً حساساً فى التجربة.. لأن الدنيس يعيش فى مياه
ذات ضغط معين.. وعند نقله إلى مياه ذات ضغط أسموزى مختلف فإنه قد يموت
سريعاً.. وهذا راجع إلى اختلاف الضغط الأسموزى بين السوائل الداخلية فى
الأسماك والضغط الأسموزى للبيئة الخارجية..
ثبت أن سمكة الدنيس لها قدرة كبيرة على تحمل درجات مختلفة من ملوحة
المياه.. وهذه الميزة تجعلها ذات قدرة كبيرة على معادلة الضغط الأسموزى
بينها وبين البيئة.. كما أكد الباحثان بالتجربة صدق النظرية القائلة بأن
زريعة أسماك الدنيس والتى وزنها 38 جراماً لها المقدرة على تحمل تركيز
الأملاح من خلال التأقلم التدريجى عند نقلها من مياه البحر إلى المياه
العذبة.. فهذه السمكة الجميلة اللذيذة لها قدرة عجيبة على التأقلم
والمعيشة فى مياه الشرب فى أحواض أرضية دون خسائر تذكر..
ما يدعو للأسف حقاً أنه رغم النجاح المؤكد الذى حققه البحث العلمى مع
الدنيس والذى أثبت إمكانية استزراعه بكميات كبيرة تغطى الحاجة المؤكدة
إليه وتقلل من سعره فى الوقت نفسه.. إلا أن حجم استزراع سمك الدنيس فى مصر
ما زال متواضعاً إلى حد كبير.. و"أمواج سكندرية" توجه دعوة لكل المسئولين
والمهتمين بهذا المجال إلى الدخول فيه بقوة.. فهو ليس فقط مجال بحثى هام
وشيق.. لكنه مجال للربح .. والربح الكبير أيضاً..!!