[b][b]عائشة أم المؤمنين
بنت الإمام الصديق الأكبر ، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكرعبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، بن كعب بن لؤي ; القرشية التيمية ، المكية ، النبوية ،أم المؤمنين ، زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أفقه نساء الأمة علىالإطلاق.
وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر ، بن عبد شمس ، بن عتاب ابن أذينة الكنانية .
هاجر بعائشة أبواها ، وتزوجها نبي الله قبل مهاجره بعد وفاة الصديقة خديجةبنت خويلد ، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا ، وقيل : بعامين . ودخل بهافي شوال سنة اثنتين ، منصرفه -عليه الصلاة والسلام- من غزوة بدر ، وهيابنه تسع .
فروت عنه علما كثيرا طيبا مباركا فيه . وعن أبيها . وعن عمر ، وفاطمة ، وسعد ، وحمزة بن عمرو الأسلمي ، وجدامةبنت وهب .
حدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلا ، وإبراهيم بن يزيدالتيمي كذلك ، وإسحاق بن طلحة ، وإسحاق بن عمر ، والأسود بن يزيد ، وأيمنالمكي ، وثمامة بن حزن ، وجبير بن نفير ، وجُميع بن عمير . والحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن نوفل ، والحسن ، وحمزة بن عبدالله بن عمر ، وخالد بن سعد ، وخالد بن معدان-وقيل : لم يسمع منها- وخباب صاحب المقصورة ، وخبيب بن عبد الله بن الزبير، وخلاس الهجري ، وخيار بن سلمة ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، وذكوان السمان ;ومولاها ذكوان ، وربيعة الجرشي -وله صحبة- ، وزاذان أبو عمر الكندي ،وزرارة بن أوفى ، وزِرّ بن حبيش ، وزيد بن أسلم ، وسالم بن أبي الجعد -ولميسمعا منها- وزيد بن خالد الجهنيوسالم بن عبد الله ، وسالم سبلان ، والسائب بن يزيد ، وسعد بن هشام ،وسعيد المقبري ، وسعيد بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ،وسليمان بن بريدةوشريح بن أرطاة ، وشـريح بن هانئ ، وشريق الهوزني ، وشقيق أبو وائل ، وشهربن حوشب ، وصالح بن ربيعة بن الهدير.
وصعصعةعم الأحنف ، وطاوس ، وطلحة بن عبد الله التيمي ، وعابس بن ربيعة ، وعاصمبن حميد السكوني ، وعامر بن سعد ، والشعبي ، وعباد بن عبد الله بن الزبير، وعبادة بن الوليد ، وعبد الله بن بريدة ، وأبو الوليد عبد الله بنالحارث البصري ، وابن الزبير ابن أختها ، وأخوه عروة ، وعبد الله بن شدادالليثي ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بنشهاب الخولاني ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، وابن عمروابن عباس ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن أبيمليكة ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وأبوه ، وعبد الله بن عكيم ، وعبدالله بن أبي قيس ، وابنا أخيها : عبد الله والقاسم ، ابنا محمد ، وعبدالله بن أبي عتيق محمد ، ابن أخيها عبد الرحمن ، وعبد الله بن واقد العمري، ورضيعها عبد الله بن يزيد ، وعبد الله البهيوعبد الرحمن بن الأسود ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وعبد الرحمن بن سعيدبن وهب الهمداني ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بنسابط الجمحي ، وعبد العزيز ، والد ابن جريج ، وعبيدالله بن عبد الله ، وعبيد الله بن عياضوعراك - ولم يلقها - وعروة المزني ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ،وعكرمة ، وعلقمةوعلقمة بن وقاص ، وعلي بن الحسين ، وعمرو بن سعيد الأشدق ، وعمرو بنشرحبيل ، وعمرو بن غالب ، وعمرو بن ميمون ، وعمران بن حطان ، وعوف بنالحارث ، رضيعها ، وعياض بن عروة ، وعيسى بن طلحة ، وغضيف بن الحارث ،وفروة بن نوفل ، والقعقاع بن حكيم ، وقيس بن أبي حازم ، وكثير بن عبيدالكوفي .رضيعها ، وكريب ، ومالك بن أبي عامر ، ومجاهد ، ومحمد بن إبراهيم التيمي-إن كان لقيها- ومحمد بن الأشعث.
ومحمد بن زياد الجمحي ، وابن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بنالحارث بن هشام ، وأبو جعفر الباقر -ولم يلقها- ومحمد بن قيس بن مخرمة ،ومحمد بن المنتشر ، ومحمد بن المنكدر -وكأنه مرسل - ومروان العقيلي أبولبابةومسروق ، ومصدع أبو يحييومطرف بن الشخير ، ومقسممولى ابن عباس ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومكحول -ولم يلحقها- وموسى بن طلحة ، وميمون بن أبي شبيب ، وميمون بن مهران ، ونافع بن جبير، ونافع بن عطاء ، ونافع العمري ، والنعمان بن بشير ، وهمام بن الحارث ،وهلال بن يساف ، ويحيي بن الجزارويحيي بن عبد الرحمن بن حاطب ، ويحيي بن يعمر ، ويزيد بن بابنوسويزيد بن الشخير ، ويعلى بن عقبة ، ويوسف بن ماهكوأبو أمامةبن سهل.
وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ،وأبو الجوزاءالربعي ،وأبو حذيفة الأرحبي ، وأبو حفصة ، مولاها ، وأبو الزبير المكي -وكأنهمرسل- وأبو سلمة بن عبد الرحمن . وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو الصديقالناجي ، وأبو ظبيان الجنبي ، وأبو العالية رفيع الرياحي ، وأبو عبد اللهالجدليوأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عطية الوادعي، وأبو قلابة الجرمي -ولم يلقها- وأبو المليح الهذلي ، وأبو موسى ، وأبوهريرة ، وأبو نوفل بن أبي عقرب ، وأبو يونس مولاها ، وبهيةمولاة الصديق ، وجسرة بنت دجاجة ، وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن ، وخيرةوالدة الحسن البصري ، وذفرة بنت غالب ، وزينب بنت أبي سلمة ، وزينب بنتنصر ، وزينب السهمية ، وسمية البصرية ، وشُمَيسةالعتكية ، وصفية بنت شيبة ، وصفية بنت أبي عبيد ، وعائشة بنت طلحة ، وعمرةبنت عبد الرحمن ، ومرجانة ، والدة علقمة بن أبي علقمة ، ومعاذة العدوية ،وأم كلثوم التيمية . أختها ، وأم محمد ، امرأة والد علي بن زيد بن جدعان .وطائفة سوى هؤلاء .
مسند" عائشة يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث. اتفق لهاالبخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثا ، وانفرد البخاري بأربعةوخمسين ، وانفرد مسلم بتسعة وستين .
وعائشة ممن ولد في الإسلام ،وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين،وكانت تقول : لم أعقل أبوي إلا وهما يَدِِينان الدِّينَ .
وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطي.
وكانت امرأة بيضاء جميلة . ومن ثَمَّيقال لها : الحُمَيْرَاء . ولم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بِكْرًاغيرها ، ولا أَحَبَّ امرأة حبها . ولا أعلم في أمة محمد -صلى الله عليهوسلم- ، بل ولا في النساء مطلقا ، امرأة أعلم منها.
وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها . وهذا مردود ، وقدجعل الله لكل شيء قدرا ، بل نشهد أنها زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيالدنيا والآخرة ، فهل فوق ذلك مفخر -وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يُلحق ،وأنا واقف في أيَّتِهما أفضل- . نعم جزمتُبأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها.
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أُرِيتُكِ في المنام ثلاث ليال ، جاء بك الملك في سَرَقة من حريرفيقول : هذه امرأتُك . فأَكْشِفُ عن وجهك فإذا أنت فيه . فأقول : إن يكُ هذا من عند الله يُمْضِهِ .
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة : أن جبريل جاء بصورتهافي خرقة حرير خضراء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة .
حسنه الترمذي وقال : لا نعرفه إلا من حديث عبد الله . ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا .
بشر بن الوليد القاضي : حدثنا عمر بن عبد الرحمن عن سليمانالشيباني ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة أنها قالت : لقدأعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران : لقد نزل جبريل بصورتيفي راحته حتى أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوجني ، ولقدتزوجني بِكْرًا ، وما تزوج بِكرًا غيري ، ولقد قُبض ورأسه في حجري ، ولقدقَبَّرتُه في بيتي ، ولقد حفت الملائكة ببيتي ، وإن كان الوحي لينزل عليهوإني لمعه في لحافه ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خُلِقْتُ طَيَّبَةً عند طيِّب ، ولقد وُعِدْتُ مغفرة ورزقا كريمارواه أبو بكر الآجري ، عن أحمد بن يحيي الحلوانيعنه . وإسناده جيدوله طريقآخر سيأتي .
وكان تزويجه -صلى الله عليه وسلم- بها إثر وفاة خديجة ، فتزوجبها وبسودة في وقت واحد ، ثم دخل بسودة ، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنىبعائشة في شَوَّال بعدوقعة بدر . فما تزوج بكرا سواها ، وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به ، بحيثإن عمرو بن العاص ، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة ، سأل النبي -صلىالله عليه وسلم- : أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة . قال :فمن الرجال ؟ قال : أبوها .
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض ، وما كان عليه السلامليحب إلا طيبا . وقد قال : لو كنتُ متَّخِذًا خليلاً من هذه الأمة ،لاتَّخَذْتُ أبا بكر خليلا ، ولكن أخُوَّةَ الإسلامِ أفضلُ فأحبَّ أفضلَرجلٍ من أمته وأفضلَ امرأةٍ من أمته ، فمن أبغض حبِيبَيْ رسول الله -صلىالله عليه وسلم- فهو حريٌ أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله .
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا ، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته .
قال حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كانالناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة . قالت : فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة ،فقلن لها : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نريد الخير كماتريده عائشة ، فقولي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر الناس أن يهدواله أينما كان . فذكرت أم سلمة له ذلك . فسكت ، فلم يرد عليها . فعادتالثانية . فلم يرد عليها . فلما كانت الثالثة قال : يا أم سلمة ، لاتؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكنغيرها متفق على صحته.
وهذا الجواب منه دال على آن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها ، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها .
إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا أخي أبو بكر ، عن سليمان بن بلال ، عن هشام ،عن أبيه ، عن عائشة : أن نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كُنَّ حزبين، فحزبٌ فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه. وكانواالمسلمون قد علموا حب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عائشة ، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديهاإلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخَّرها ، حتى إذا كان في بيت عائشةبعث بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة. فتكلمحزب أم سلمة فقُلن لها : كلمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم الناس، فيقول : من أراد أن يهدي إلى رسول الله هدية فليهد إليه حيث كان مننسائه . فكلمته أم سلمة بما قلن . فلم يقل لها شيئا . فسألنها . فقالت :ما قال لي شيئا . فقلن : كلميه . قالت : فكلمته حين دار إليها . فلم يقللها شيئا . فسألنها . فقالت : ما قال لي شيئا . فقلن لها : كلميه . فدارإليها فكلمته . فقال لها : لا تؤذيني في عائشة ؛ فإن الوحي لم يأتني وأنافي ثوبامرأة إلا عائشة . فقالت : أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله . ثم إنهندعون فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأرسلتإلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، تقولإن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر . فكلمته ، فقال : يا بنية ، ألاتحبين ما أحب ؟ قالت : بلى . فرجعت إليهن وأخبرتهن . فقلن : ارجعي إليه .فأبت أن ترجع . فأرسلن زينب بنت جحش . فأتته فأغلظت ، وقالت : إن نساءكينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة . فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة ،وهي قاعدة ، فسبَّتهاحتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينظر إلى عائشة هل تتكلم . قال :فتكلمت عائشةترُدُّ على زينب حتى أسكتتها . فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عائشة، وقال : إنها ابنة أبي بكر. فضيلة : إسماعيل بن جعفر : أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن ، سمع أنسايقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : فضل عائشة على النساء كفضلالثريد على سائر الطعام متفق عليهمن طرق عن أبي طوالة.
شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة ، عن أبي موسى ، عن النبي -صلىالله عليه وسلم- ، قال : كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلامريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريدعلى سائر الطعام .
فضيلة أخرى :
روى الحاكم في "مستدركه" من طريق يوسف بن الماجشون ، قال : حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن عائشة ، قالت : قلت - يا رسول الله ، مَنْ ِمْنأزواجك في الجنة ؟ قال : أما إنك منهن . قالت : فخُيِّل إليَّ أن ذاك لأنه لم يتزوج بِكْرًا غيري .
موسى-وهو الجهني- عن أبي بكر بن حفص ، عن عائشة : أنها جاءت هي وأبواها ،فقالا : إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع . فقال رسول الله -صلىالله عليه وسلم- : اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبةظاهرة باطنة . فعجب أبواها . فقال : أتعجبان ، هذه دعوتي لمن شهد أن لاإله إلا الله وأني رسول الله .
أخرجه الحاكم في "مستدركه" من طريق سفيان بن عيينة عن موسى . وهو غريب جدا. فضيلة أخرى : شعيب ، عن الزهري : حدثني أبو سلمة ، أن عائشة قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا عائش ، هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، ترى ما لا نرى يا رسول الله .
زكريا بن أبي زائدة ، عن عامر ، عن أبي سلمة ، أن عائشة حدثته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها : إن جبريل يقرئك السلام . فقالت : وعليه السلام ورحمة الله .
وأخرج النسائي من طريق معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة نحو الأول.
وفي "مسند أحمد" عن سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : رأيتك يا رسول الله وأنت قائم تكلم دحية الكلبي . فقال : وقد رأيته ؟ قالت : نعم . قال : فإنه جبريل وهو يقرئك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، جزاه الله من زائر ودخيل ، فنعم الصاحب ، ونعم الدخيل .
قال : والدخيل : الضيف . مجالد ليس بقوي .
كثير بنهشام : حدثنا الحكم بن هشام ، عن عبد الملك بن عمير ،قال : قالت عائشة لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- : فُضِّلْتُ عليكنبعشر ولا فخر : كنت أحب نسائه إليه ، وكان أبي أحب رجاله إليه ، وابتكرنيولم يبتكر غيري ، وتزوجني لسبع ، وبنى بي لتسع ، ونزل عذري من السماء ،واستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه في مرضه ، فقال : إنه ليَشُقُّعلي الاختلافُ بينكن ، فائْذَنَّ لي أن آكون عند بعضكن ، فقالت أم سلمة :قد عرفنا من تريد ، تريد عائشة . قد أذنا لك . وكان آخر زاده من الدنياريقي ، أتي بسواك ، فقال : انكثيهيا عائشة . فنكثته ، وقُبض بين حجري ونحري ، ودُفن في بيتي هذا حديث صالحالإسناد ، ولكن فيه انقطاع .
فضيلة باهرة لها :
خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمرو بن العاص : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمله على جيش ذات السلاسلقال : فأتيته ، فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة. قال : من الرجال ؟ قال : أبوها .
قال الترمذي : هذا حديث حسن.
قلت : قد أخرجه البخاري ومسلم .ابن المبارك ، ويحيي بن سعيد الأموي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ابن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص ، أنه قال لرسول الله-صلى الله عليه وسلم- : مَنْ أحب الناس اليك ؟ قال : عائشة . قال : مِن الرجال ؟ قال : أبوها .
هذا حديت صحيح ، أخرجه النسائي ، والترمذيوحسنه وغربه .
الترمذي : حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال : قيل : يا رسول الله مَن أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة . قيل : مِن الرجال ؟ قال : أبوها .
قال : هذا حديث حسن غريب .
تزويجها بالنبى -صلى الله عليه وسلم- :
روىهشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : تزوجني رسول الله -صلى الله عليهوسلم- متوفى خديجة ، وأنا ابنة ست ، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع ، جاءنينسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممةفهَيَّأْنَنِي وصنعننيثم أتين بي إليه -صلى الله عليه وسلم .
قال عروة : فمكثت عنده تسع سنين .
وأخرج البخاري من قول عروة : أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاثسنين ، فلبث -صلى الله عليه وسلم- سنتين أو قريبا من ذلك ، ونكح عائشة ،وهي بنت ست سنين.
ابن إدريس ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيي بن عبد الرحمنبن حاطب ، قال : قالت عائشة : لما ماتت خديجة ، جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله ، ألا تَزَوَّجْ ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكرا وإن شئتثيبا ؟ قال : مَن البِكر ومن الثيِّب ؟ قالت : أمّا البكر ، فعائشة ابنةأحب خلق الله إليك ، وأما الثَّيِّب ، فسودة بنت زمعة ، قد آمنت بكواتبعتك . قال : اذكريهما عليَّ . قالت : فأتيت أم رومان فقلت : يا أمرومان ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت : ماذا ؟ قالت :رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر عائشة . قالت : انتظري ، فإن أبا بكرآت . فجاء أبو بكر ، فذكرت ذلك له . فقال : أوتصلح له وهي ابنة أخيه ؟فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : أنا أخوه وهو أخي ، وابنته تصلح لي . فقام أبو بكر. فقالت لي أم رومان : إن المُطعِم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ، وواللهما أخلف وعدًا قط . قالت : فأتى أبو بكر المطعِمَ . فقال : ما تقول في أمرهذه الجارية ؟ قال : فأقبل على امرأته ، فقال : ما تقولين ؟ فأقبلت علىأبي بكر ، فقالت : لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تدخله في دينك ! فأقبلعليه أبو بكر ، فقال : ما تقول أنت ؟ قال : إنها لتقول ما تسمع . فقام أبوبكر وليس في نفسه من الموعد شيء ، فقال لها : قولي لرسول الله -صلى اللهعليه وسلم- فليأت . فجاء ،فملكها . قالت : ثم انطلقت إلى سودة ، وأبوها شيخ كبير وذكرت الحديث.
هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أُدْخِلْتُ على نبي اللهوأنا بنت تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة ، فهيأنني ،وصنعنني ، ثم أتين بي إليه.
هشام ، عن أبيه ، عنها ، أنها قالت : كنت ألعب بالبَنَات - تعنياللُّعَب- فيجيء صواحبي ، فينقمِعْنَمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فيخرج رسول الله ، فيدخلن عليَّ ، وكان يسربهنإليَّ ، فيلعبن معي .
وفي لفظ : فكن جوارٍ يأتِينَ يلْعَبْنَ معي بها ، فإذا رأيْنَ رسول الله تقمعن فكان يسربهن إلي .
وعن عائشة قالت : دخل عليَّ رسول الله وأنا ألعب بالبنات. فقال :" ما هذا يا عائشة ؟ قلت : خيل سليمان ولها أجنحة . فضحك .
الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ، وإنه ليسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ، ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف . فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو .
وفي لفظ معمر ، عن الزهري : فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن التي تسمع اللهو .
ولفظ الأوزاعي عن الزهري في هذا الحديث قالت : قدم وفد الحبشة على رسولالله -صلى الله عليه وسلم- ، فقاموا يلعبون في المسجد ، فرأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه ، وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التيأسأم .
وفي حديث سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن عمر وجدهم يلعبون ، فزجرهم . فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : دعهم فإنهم بنو أرفدة .
الواقدي قال : حدثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عنعمرة ، عن عائشة ، قالت : لمّا هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلىالمدينة خلفنا وخلف بناته ، فلما قدم المدينة ، بعث إلينا زيد بن حارثةوأبا رافع ، وأعطاهمابعيرين وخمس مائة درهم أخذها من أبي بكر ، يشتريان بها ما نحتاج إليه منالظهر . وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي ببعيرين أو ثلاثة ،وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وأنا وأختي أسماء .فخرجوا ، فلما انتهوا إلى قديد ، اشترى زيد بتلك الدراهم ثلاثة أبعرة . ثمدخلوا مكة ، وصادفوا طلحة يريد الهجرة بآل أبي بكر . فخرجنا جميعا ، وخرجزيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة ، فاصطحبنا جميعا ،حتى إذا كنا بالبيضنفربعيري وقدامي محفة فيهاأمي ، فجعلت أمي تقول : وابنتاه ! واعروساه ! حتى أدرك بعيرنا . فقدمنا ،والمَسْجد يُبْنَى وذكر الحديث.
شأن الإفك:
كان في غزوة المريسيعسنة خمس من الهجرة ، وعمرها -رضي الله عنها- يومئذ اثنتا عشرة سنة .
فروى حماد بن زيد ، عن معمر ، والنعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة ،عن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد سفرا أقرع بيننسائه . فأقرع بيننا في غزوة المُرَيْسِيع . فخرج سهمي . فهلك فيَّ مَنْهلك .
وكذلك ذكر ابن إسحاق والواقدي وغير واحد : أن الإفك كان في غزوة المريسيع .
يونس ، عن ابن شهاب : أخبرني عروة ، وابن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيدالله بن عبد الله ، عن حديث عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ،فبرأها الله تعالى . وكلٌّ حدثني بطائفةمن حديثها ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض ، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أَقْرَعَ بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بهامعه . فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت معه بعدما نزلالحجاب ، وأنا أُحمل في هودجوأُنزل فيه ، فسرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منغزوته تلك ، وقفل ودنونا من المدينة ، آذن ليلة بالرحيل . فقمت حينئذفمشيت حتى جاوزت الجيش .
فلما قضيت حاجتي ، أقبلت إلى رحلي ، فإذا عقد لي من جزع ظفارقد انقطع ، فالتمسته ، وحبسني التماسه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونبيفاحتملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري ، وهم يحسبون أني فيه -وكان النساء إذذاك خفافا لم يثقلهن اللحمإنما يأكلن العُلْقَةمن الطعام- فلم يستنكروا خفة المحمل حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ،فبعثوا الجمل وساروا ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش . فجئت منازلهم وليسبها داع ولا مجيب . فأممتُمنزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي . فبينا أنا جالسةغلبتني عيني ، فنمت .
وكان صفوان بن المُعَطَّل السلمي ، ثم الذكواني ، من وراءالجيش ، فأدلج ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني ،فعرفني حينرآني ، وكان يراني قبل الحجاب . فاسترجع ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت .فخَمَّرتُ وجهي بجلبابي ، والله ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة غيراسترجاعه ، فأناخ راحلته ، فوطئ على يديها فركبتها . فانطلق يقود بيالراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرينفي نحر الظهيرة ، فهلك من هلك فيَّ ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد اللهبن أبي بن سلول.
فقدمنا المدينة ، فاشتكيت شهرا ، والناس يفيضون في قول أهلالإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ، ويريبنيفي وجعي أني لا أعرف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللطف الذي كنتأرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي ، فيسلم ، ثم يقول : كيف تيكم ؟ ثمينصرف فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعدما نقهت . فخرجت معأم مسطح قبل المناصعوهو متبرزنا . وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن تتخذ الكنفقريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول من التبرز قبل الغائط ، وكنانتأذى بالكنف أن نتخدها عند بيوتنا . فانطلقت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم بنعبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بنأثاثة بن المطلب . فأقبلت أنا وهي قبل بيتي ، قد فرغنا من شأننا ، فعثرتأم مسطح في مِرْطِها ،فقالت : تعِس مِسطح ! فقلت لها : بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرًا ؟قالت : أي هنتاهأو لم تسمعي ما قال ؟ قلت : وما ذاك ؟ فأخبرتني الخبر ، فازددت مرضا علىمرضي .
فلما رجعت إلى بيتي ، ودخل علي رسول الله -صلى الله عليهوسلم- فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت : آتأذن لي أن آتي أبوي ؟ وأنا حينئذأريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهِمَا . فأذن لي . فجئْتُ أبويَّ ، فقلت :يا أمتاه ، ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية، هوني عليك ، فوالله لقلَّمَاكانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها . فقلت : سبحانالله ! وقد تحدث الناس بهذا ؟ ! فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولااكتحل بنوم . ثم أصبحت أبكي . فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بنأبي طالب وأسامة بن زيد ، حين استلبث الوحي ، يستأمرهما في فراق أهله .فأما أسامة ، فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلملهم في نفسه من الود ، فقال : يا رسول الله، أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا .وأما علي فقال : لَم يُضَيِّق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، واسألالجارية ، تصدقك . فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بريرةفقال : أي بريرة ، هل رأيت من شيء يريبك ؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق ،إن رأيت عليها أمرا أغمصهعليها أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فيأتي الداجن، فيأكله .فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فاستعذر من عبد الله بن أبي بنسلول ، فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين ، مَنْ يعذرنيمِنْ رجلٍ قد بلغنيأذاه في أهل بيتي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلاما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي . فقام سعد بن معاذ، فقال : يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ، ضربت عنقه ،وإن كان من إخواننا من الخزرج ، أمرتنا ، ففعلنا أمرك . فقام سعد بن عبادة-وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملتهالحمية- فقال لسعد : كذبت لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله .فقام أُسيد بن حضير -وهو ابن عم سعد بن معاذ- فقال : كذبت! لعمر اللهلنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . فتثَاوَرَالحيان : الأوس والخزرج ، حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله -صلى اللهعليه وسلم- قائم على المنبر . فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت .
قالت : فبكيت يومي ذلك وليلتي ، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحلبنوم ، فأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ، ولايرقأ لي دمع ، حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي ، وأنا أبكي ، استأذنت عليَّ امرأة من الأنصار ،فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينما نحن على ذلك ، دخل علينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، فسلم ، ثمجلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه فيشأني شيء . قالت : فتشهد ، ثم قال : أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قدبلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة ، فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب ، تابالله عليه . فلمّا قضى مقالته ، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي: أجب رسول الله فيما قال ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلىالله عليه وسلم- . فقلت لأمي : أجيبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،قالت : ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقلتوأنا يومئذ حديثة السن لا أقرأ كثيرأ من القرآن : إني والله لقد علمت ،لقد سمعتمهذا الحديث حتى استقر في أنفسكم ، وصدَّقْتم به ، فلئن قلت لكم : إنيبريئة - والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر ،والله يعلم أني بريئة ، لَتُصدقُنِّي . والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا قولأبي يوسف : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُونَ ثم تحولت ، فاضطجعت على فراشي ، وأنا أعلم أني بريئة ، وأن الله-تعالى- يبرئني ببراءتيولكن والله ما ظننت أن الله ينزل في شأني وحيًا يُتلى ، ولشأني كان فينفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يُتلي ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسولالله -صلى الله عليه وسلم- في النوم رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فواللهما قامرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولا خرج أحد من أهل البيت ،حتى نزل عليه الوحي ; فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منهمثل الجمان من العرق ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي ينزل عليه .فلما سُرِّيَ عنهوهو يضحك ، كان أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ، أما واللهلقد برَّأك الله. فقالت أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه ،ولا أحمد إلا الله . وأنزل الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوابِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ العشر الآيات كلها .
فلما أنزل الله هذا في براءتي ، قال أبو بكر -وكان يُنْفِقُعلى مِسطح لقرابته وفقره- : والله لا أنفق على مِسطح شيئا أبدا بعد الذيقال لعائشة . فأُنزلت : وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْوَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَوَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَاتُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ قال : بلي والله ، إني لأحب أنيغفر الله لي . فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : واللهلا أنزعها منه أبدا . قالت : وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألزينب بنت جحش عن أمري . فقالت : أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيرا ، وهيالتي كانت تسامينيمن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختهاحمنة تحارب لهافهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفكوهذا الحديث له طرق عن الزهري . ورواه هشام بن عروة ، عن أبيه .
قال أبو معشر السنديحدثني أفلح بن عبد الله بن المغيرة ، عن الزهري ، قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك ، فذكر حديث الإفك بطوله ، وفيه : أن ذاك في غزوة بني المصطلقوأن سهمها وسهم أم سلمة خرج .
وروى معمر ، عن الزهري ، قال : كنت عند الوليد فقال : الذي تولى كبره علي. فقلت : لا . حدثني سعيد وعروة وعلقمة وعبيد الله ، كلهم سمع عائشة تقول: إن الذي تولى كِبْرَه عبد الله بن أبي . فقال لي : فما كان جرمه ؟ قلت :سبحان الله ! حدثني من قومك أبو سلمة ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، أنهماسمعا عائشة تقول : كان مسيئا في أمري.
يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : لما تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القصة التي نزلبها عذري على الناس ، نزل فأمر برجلين وامرأة ، ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة ، فجلدوا الحد .
قال : وكان رماها ابن أُبُيّ، ومسطح ، وحسان ، وحمنة .
الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة يُشَبِّببأبيات له فيها ، فقال :حَصَــانٌ رَزَانٌ مــا تُـزَنُّ بِرِيبَـةٍ
وتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِل
قالت : لست كذاك . فقلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك ، وقد أنزل الله تعالى : وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ قالت : وأي عذاب أشد من العمى . ثم قالت : كان يرد عنالنبي -صلى الله عليه وسلم..
ابن إسحاق : حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : كان صفوان بن المعطل قد كثَّر عليه حسان في شأن عائشة ، وقال يُعَرِّضُ به :أمْسَى الجَلابِيبُ قد عزُّوا، وقد كَثُرُوا
وابـنُ الفُرَيْعَـةِ أمسـى بَيْضَةَ البلدِ
فاعترضه صفوان ليلة وهو آتٍ من عندأخواله بني ساعدة ، فضربه بالسيف على رأسه ، فاستعدواعليه ثابت بن قيس ، فجمع يديه إلى عنقه بحبل ، وقاده إلى دار بني حارثة .فلقيه ابن رواحة ، فقال : ما هذا ؟ فقال : ما أعجبك إنه عدا على حسانبالسيف ، فوالله ما أراه إلا قد قتله . فقال : هل علم رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- بما صنعت به ؟ فقال : لا . فقال : والله لقد اجترأت ، خلِّسبيله . فسنغدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فنُعْلِمُه أمره ،فخلى سبيله ، فلما أصبحوا ، غدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فذكرواله ذلك . فقال : أين ابن المعطل ؟ فقام إليه ، فقال : ها أناذا يا رسولالله . فقال : ما دعاك إلى ما صنعت ؟ قال : آذاني يا رسول الله ، وكثَّرعلي ، ولم يرض حتى عرض بي في الهجاء ، فاحتملني الغضب ، وها أناذا ، فماكان عليَّ من حقٍّ ، فخذْنِي به . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :ادعوا لي حسان بن ثابت، فأتي به . فقال : ياحسان . أتشوهتَعلى قومي أن هداهم الله للإسلام -يقول : تنفست عليهم- يا حسان ، أحسن فيماأصابك. قال : هي لك يا رسول الله . فأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم-سِيرين القبطية . فولدت له عبد الرحمن ، وأعطاه أرضا كانت لأبي طلحة ،تصدق بها أبو طلحة على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- .
قال ابن إسحاق ; وقال حسان في عائشة :رأيتُـكِ -وليغفِــرْ لَــكِ اللـه- حُــرَّة
مِـنَ الْمُحْصَنَـاتِ غـيْـرِ ذَاتِ غَـوَائِـلِ
حَصَـــانٌ رَزَانٌ مــا تُــزَنُّ بِرِيبَــةٍ
وتُصْبِـحُ غَـرْثَي مِـنْ لُحُـومِ الغَـوَافِـلِ
وإنَّ الــذي قــد قِيــلَ ليس بِلائِـــقٍ
بِـكِ الدَّهْـرَ بَـلْ قِيْـلَ امْـرئٌ مُتَمَاحِــلِ
فـإنْ كُـنْـتُ أَهْـجُـوكُم كمَـا بَلَّغُـوكُـمْ
فَلا رَفَعَــتْ سَــوْطِي إلــيَّ أنَــامِلي
وكـيـفَ وَوُدِّي مـا حَـيِيتُ ونُصْـــرَتِي
لآلِ رَسُــولِ اللــهِ زَيْــنِ المَحَــافِلِ
وإنِ َّلـهُـم عِـزًّا يُـرَى الـنَّـاسُ دُونَـهُ
قِـصَـارًا وطَـالَ العِـزُّ كُـلَّ التَّطَـــاوُلِ
عَقيلــةُ حــيٍّ مِـن لُـؤَيِّ بْـنِ غَـالِبِ
كِـرَامِ المَسَاعِـي مَـجْدُهُمْ غَيْـرُ زَائِــلِ
مُـهَذَّبَــةٌ قَـدْ طَـيَّـبَ اللـهُ خِيمَـهَـا
وطَهَّرَهَــا مِــنْ كُــلِّ سُـوءٍ وبَـاطِلِ
ابن أبي أويس : حدثني أخي ، عن سليمان بنبلال ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قلت : يا رسول الله، أرأيت لو أنكنزلت واديا فيه شجرة قد أُكِلَ منها ، ووجدت شجرةً لم يؤكل منها ، فأيهماكنت تُرْتِعُ بعيرك؟ قال : الشجرة التي لم يؤكل منها . قالت : فأنا هي .تعني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوَّج بكرا غيرها .
سفيان بن عيينة : عن أبي سعد ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن .أبيه ، قال : قالت عائشة -رضي الله عنها- : ما تزوَّجني النبي -صلى اللهعليه وسلم- حتى أتاه جبريل بصورتي ، وقال : هذه زوجتك . فتزوجني ، وإنيلجارية عليَّ حَوْفٌ . ولما تزوجني ، وقع عليَّ الحياء وإني لصغيرة .
تفرد به أبو سعد ، وهو سعيد بن المرزبان البقال ، لين الحديث . والحَوْفُ : شيء يشد في وسط الصبي من سيور .
يحيي بن يمان ، عن الثوري ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شَوَّال ، وأعْرَسَ بيَّ في شَوَّال . فأيُّ نسائه كان أحظى عنده منِّي .
وكانت العرب تستحب لنسائها أن يدخلن على أزواجهن في شَوَّال .
وقالت عائشة : ما غرت على امرأةٍ ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرها .
قلت : وهذا من أعجب شيءأن تغار -رضي الله عنها- من امرأة عجوز تُوُفِّيَتْ قبل تزوُّج النبي -صلىالله عليه وسلم- بعائشة بمُديدة ، ثم يحميها الله من الغيرة من عدة نسوةيشاركنها في النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي-صلى الله عليه وسلم-، لئلا يتكدَّر عيشُهما . ولعله إنما خفف أمر الغيرةعليها حُبُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لها وميْلُه إليها . فرضي اللهعنها وأرضاها . معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : دخلت امرأة سوداءعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فأقبل عليها . قالت : فقلت : يا رسولالله ، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال! فقال : إنها كانت تدخل علىخديجة ، وإنَّ حُسن العهد من الإيمان .
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن المعدلأخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي سنة ست عشرة وست مائة ،أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق ، أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن علي بنزكريحدثنا عليبن محمد المعدل ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزازحدثنا سعدانبن نصر : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن عون : حدثنا القاسم بنمحمد ، عن عائشة -رضي الله عنها- ، أنها قالت : مَنْ زَعَم أن محمدا -صلىالله عليه وسلم- رأى ربه ، فقد أعظم الفِرْيَةَ على الله -تعالى- ، ولكنهرأى جبريل مرَّتَيْنِ في صُورَتِه ، وخلْقه سادًّا ما بين الأفق .
هذا حديث صحيح الإسناد . ولم يأتنا نص جلي بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى الله -تعالى- بعينيه. وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها ، فأما رؤية المنام ، فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة ، وأما رؤية الله عيانا في الآخرة ، فأمر متيقَّن تواترت به النصوص . جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما .
أبو الحسن المدائني ، عن يزيد بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وعنده عائشة ،وذلك قبل أن يُضرب الحجاب ، فقال : من هذه الحميراء يا رسول الله ؟ قال :هذه عائشة بنت أبي بكر. قال : أفلا أنزل لك عن أجمل النساء ؟ قال : لا .فلما خرج ، قالت عائشة : من هذا يا رسول الله ؟ قال : هذا الأحمق المطاعُفي قومه .
هذا حديث مرسل ، ويزيد متروكوما أسلم عيينة إلا بعد نزول الحجاب .
وقد قيل : إن كل حديث فيه : يا حميراء ، لم يصح. وأَوْهَى ذلكتشْمِيسُ الماء ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لها : لا تفعلي يا حُمَيْرَاء فإنَّه يورث البَرَص. فإنه خبر موضوع . والحمراء ، في خطاب أهل الحجاز : هي البيضاء بشُقْرة ، وهذا نادر فيهم ، ومنه في الحديث : رجلٌ أحمر كأنه من الموالي يريد القائل أنه في لون الموالي الذين سبوا من نصارى الشام والروم والعجم .
ثم إن العرب إذا قالت : فلان أبيض ، فإنهم يريدون الحنطي اللون بحليةسوداء ، فإن كان في لون أهل الهند ، قالوا : أسمر وآدم ، وإن كان في سوادالتكرور ، قالوا : أسود ، وكذا كل من غلب عليه السواد . قالوا : أسود ، أوشديد الأدمة . ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : بعثت إلى الأحمروالأسود . فمعنى ذلك : أن بني آدم لا ينفكون عن أحد الأمرين . وكللون بهذا الاعتبار يدور بين السواد والبياض ، الذي هو الحمرة .
أحمد في "مسنده"حدثنا عباد بن عباد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : أن رسول الله -صلىالله عليه وسلم- كان يقول لها : إني أعرف غضبك إذا غضبتِ ورضاكِ إذارضيتِ. قالت : وكيف تعرف ؟ قال : إذا غضبتِ قلت : يا محمد . وإذا رضيتِقلتِ : يا رسولَ الله .
هذا حديث غريب ، والمحفوظ ما أخرجا في "الصحيحين" لأبي أسامة ، عن هشام بلفظ : إني لأعلم إذا كنتِ عنِّي راضِيَة وإذا كنْتِ عليَّ غَضْبَى. قالت : وكيف يا رسول الله ؟ قال : إذا كنتِ عنِّي راضية ، قلتِ : لا وربِّ محمد . وإذا كنتِ عليَّ غضْبَي ، قلتِ : لا وربِّ إبراهيم . قلت : أجل والله ، ما أهْجُرُ إلا اسمك .
تابعه علي بن مسهر . وأخرج النسائي حديث علي.
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أنها استعارت قلادة في سفر مع رسولالله -صلى الله عليه وسلم- ، فانسلّت منها . وكان ذلك المكان يقال له :الصلصل . فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فطلبوها حتى وجدوها. وحضرت الصلاة ، ولميكن معهم ماء ، فصلوا بغير وضوء . فأنزل الله آية التيمم . فقال لها أسيدبن الحضير : جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمرٌ قط تكرهينه إلا جعلالله لك فيه خيرا .
رواه ابن نمير ، وعلي بن مسهر عنه.
مالك ، عنعبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، انقطع عقدي ، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه ، وأقامالناس معه وليسوا على ماء . فأتى الناسُ أبا بكر -رضي الله عنه- . فقالوا: ما ترى ما صنعتْ عائشة ، أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليسمعهم ماء! قالت : فعاتبني أبو بكر ، فقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعنبيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان النبي -صلى الله عليهوسلم- على فخذي . فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح على غيرماء . فأنزل الله آية التيمم ، فتيمموا . فقال أُسيد بن حضير -وهو أحدالنقباء: ما هذا بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر! قالت : فبعثنا البعير الذيكنت عليه ، فوجدنا العقد تحته متفق عليه.
وفي "مسند أحمد" من طريق محمد بن إسحاق : حدثنا يحيي بن عباد بنعبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أقبلنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كنا بتربان -بلد بينه وبين المدينة بريدوأميال ، وهو بلد لا ماء به- وذلك من السَّحَرِ ، انسلَّت قلادة منعُنُقِي ، فوقعت ، فحبس علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لالتماسها حتىطلع الفجر ، وليس مع القوم ماء . فلقيت من أبي ما الله به عليم من التعنيفوالتأفيف . وقال : في كل سفر للمسلمين منك عناء وبلاء . فأنزل الله الرخصةفي التيمم ، فتيمم القوم ، وصلوا .
قالت : يقول أبي حين جاء من الله من الرخصة للمسلمين : والله ماعلمت يا بنية إنك لمباركة! ماذا جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم منالبركة واليسر.
أبو نعيم : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العَيْزاربن حريث ، عن النعمان بن بشير ، قال : استأذن أبو بكر على النبي -صلى اللهعليه وسلم- ، فإذا عائشة ترفع صوتها عليه ، فقال : يا بنت فلانة ، ترفعينصوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فحال النبي -صلى الله عليهوسلم- بينه وبينها . ثم خرج أبو بكر ، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم-يترضَّاها ، وقال : ألم تريْنِي حُلْتُ بين الرَّجُل وبينَك " . ثم استأذنأبو بكر مرة أخرى ، فسمع تضاحكهما ، فقال : أشركاني في سَلْمِكُما كماأشركتماني في حربكما .
أخرجه أبو داودوالنسائي من طريق حجاج بن محمد ، عن يونسنحوه . لكنه قال : عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار ، عن النعمان .
ورواه عمرو العنقزيعن يونس ، عن أبيه ، فأسقط العيزار .
وروى نحوه أحمد في "مسنده"عن وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن النعمان .
موسى بن علي بن رباح ، سمعت أبي يقول : أخبرني أبو قيس مولى عمرو ، قال :بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة : سلْهَا أكان رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- يُقَبِّلُ وهو صائم؟ فإنْ قالت : لا . فقُلْ : إنَّ عَائِشَةتخبر الناس أنَّه كان يُقَبِّل وهو صائم . فقالت : لعلَّه أنَّه لم يكُنْيتمَالك عنها حبًّا ، أما إيَّاي ، فلا.
أحمد في "مسنده" : حدثنا عثمان بن عمر : حدثنا يونس الأيلي :حدثنا أبو شداد ، عن مجاهد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت : كنت صاحبة عائشةالتي هيأتها وأدخلتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعي نسوة ، فماوجدنا عنده قِرًى إلا قدحا من لبن . فشرب منه ، ثم ناوله عائشة . فاستحيتالجارية ، فقلنا : لا تردي يد رسول الله ، خذي منه . فأخذت منه على حياء ،فشربت . ثم قال : ناولي صواحبك . فقلنا : لا نشتهيه . فقال : لا تجمعنجوعا وكذبا. فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه :لا تشتهيهأيُعَدُّ ذلك كذبًا ؟ قال : إن الكذب يكتب ، حتى تكتب الكُذَيْبَةكُذَيْبَة .
هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من طريق أبي شداد ، وليس بالمشهور .قد روى عنه ابن جريج أيضا . ثم هو خطأ ، فإن أسماء ، كانت وقت عرس عائشةبالحبشة مع جعفر بن أبي طالب ، ولا نعلم لمجاهد سماعا عن أسماء ، أو لعلهاأسماء بنت يزيد ، فإنها روت عجز هذا الحديث. زكريا بن أبي زائدة ، عن خالد بن سلمة ، عن البهي ، عن عروة ، قال :قالت عائشة : ما علمتُ حتى دخلت عليَّ زينب بغير إذن وهي غضبى ، ثم قالتلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أَحْسَبُكَ إذا قَلَبَتْ لك بُنَيَّةأبي بكر ذُرَيْعَتَيْهَا؟ ثم أقبلتْ عليَّ ، فأعرضتُ عنها . فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :دُونَكِفَانْتَصِرِي ، فأقبلتُ عليها حتى رأيتُقد يَبُسَ رِيقُها في فمها ، فما ترد عليَّ شيئًا . فرأيت النبي -صلى اللهعليه وسلم- يتهلَّلُ وجهُهأحمد بن عبيدالله النرسي : حدثنا يحيي الخواص : حدثنا محاضر ، عن هشام بن عروة ، عنأبيه ، عن عائشة قالت : أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير يومييطلب منِّي ضَجْعًا. فدقَّ ، فسمعت الدقَّ ، ثم خرجت ، ففتحت له . فقال : ما كنت تسمعينالدقَّ. قلت : بلى ، ولكنني أحببت أن يعلم النساءُ أنك أتيتني في غير يومي.
هشام بنعروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : سابقني النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فسبقته ما شاء ، حتى إذا رَهِقَني اللحم ، سابقني ، فسبقني . فقال : يا عائشة هذه بتلك .
ورواه أبو إسحاق الفزاريعن هشام ، فقال : عن أبيه ، وعن أبي سلمة عنها . أخرجه هكذا أبو داود. أبو سعد البقالعن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه : قالت عائشة : تزوجني رسول الله -صلىالله عليه وسلم- حين أتاه جبريل بصورتي ، وإني لجارية علي حوف . فلماتزوجني ، ألقى الله علي حياء وأنا صغيرة .
الحَوْفُ : سيور في الوسط .
مِسعر ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني العظم فأتَعَرَّقُه ، ثم يأخذه ، فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي .
رواه شعبة والناس عن المقدام ، أخرجه مسلم.
أخبرنا علي بن محمد ، ومحمد بن علي ، وعلي بن بقاءوأهله فاطمة الآمدية ، وأحمد بن إبراهيم الدباغ ، وعبد الدائم الوزان ،وعبد الصمدالزاهد ، ومحمد بن هاشمالعباسي ، ونصربن أبي الضوء ، وزينب بنت سليمان ، وعدة ، قالوا : أخبرنا الحسين بنالمبارك : أخبرنا عبد الأول بن عيسي : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد : أخبرناعبد الله بن أحمد : أخبرنا محمد بن يوسف : حدثنا محمد بن إسماعيل : حدثناأبو نعيم : حدثنا عبد الواحد بن أيمن : حدثني ابن أبي مليكة ، عن القاسم ،عن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج ، أقرع بين نسائه ،فطارت القرعة لعائشة وحفصة ، وكان إذا كان بالليل