حاجتنا إلى رمضان
إخواني المسلمين: إذا كان الأفراد والأمم محتاجين إلى
فترات من الصفاء والراحة؛ لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما
جدّ من أدواء، فإن شهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه الأمة
فرصة لإصلاح أوضاعها، ومراجعة تاريخها، وإعادة أمجادها، إنه محطة لتعبئة القُوى الروحية
والخُلُقية، التي تحتاج إليها كل أمة، بل تتطلع إليها الأفراد والمجتمعات المسلمة،
إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وشحذ الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط
الغرائز، وكبح الشهوات.
في الصيام:
تحقيق للتقوى، وامتثال لأمر الله وقهر للهوى، وتقوية
للإرادة، وتهيئة للمسلم لمواقف التضحية والفداء والشهادة؛ كما أن به تتحقق الوحدة
والمحبة والإخاء والأُلفة، فيه يشعر المسلم بشعور المحتاجين، ويحس بجوع الجائعين، الصيام
مدرسة للبذل والجود والصلة؛ فهو حقاً معين الأخلاق، ورافدُ الرحمة، من صام حقاً:
صفت روحه، ورقّ قلبه، وصلحت نفسه، وجاشت مشاعره، وأُرهفت أحاسيسه، ولانت عريكتُه.
فما أجدر الأمة الإسلامية اليوم أن تقوم بدورها، فتحاسب
نفسها عند حلول شهرها، وما أحوجها إلى استلهام حكم الصيام، والإفادة من معطياته،
والنهل من معين ثمراته وخيراته