إفراد يوم السبت بالصوم:
اختلف أهل العلم في حكم إفراد يوم السبت بالصيام، هل هو مكروه أم مباح؟على قولين:
القول الأول: يكره إفراد يوم السبت بالصيام، وهو مذهب جماهير أهل العلم من
الحنفية ([7])، والمالكية ([8])، والشافعية ([9])، ورواية عن أحمد اعتمدها
أتباعه([10]).
القول الثاني: لا يكره إفراده بالصيام، ورجحه جماعة من أهل العلم منهم:
الزهري، والأوزاعي، وأبو داود، ورواية عن أحمد اختارها الأثرم([11]). ورجحه
الطحاوي ([12])، وشيخ الإسلام ابن تيمية ([13])، وابن القيم([14])، وابن
حجر([15]).
حجة أصحاب القول الأول:
احتجوا بحديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا
لحاء عنب أو عود شجرة فليمصه))([16]).
قال النووي: "يكره إفراد يوم السبت بالصوم: فإن صام قبله أو بعده معه لم يكره"([17]).
حجة أصحاب القول الثاني:
احتجوا بحديث أم سلمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم
السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين
فأنا أحب أن أخالفهم))([18]) وبإن الأصل الإباحة، ولا دليل صحيح على
الكراهة.
قال الطحاوي: "ففي هذه الآثار المروية إباحة صوم يوم السبت، وهي أشهر وأظهر
في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها"([19]).
قال ابن حجر في معرض حديثه عن مخالفة أهل الكتاب: "والذي قاله بعضهم من
كراهة إفراد السبت وكذا الأحد ليس جيداً، بل الأولى من المحافظة على ذلك
يوم الجمعة كما ورد الحديث الصحيح فيه([20]). وأما السبت والأحد فالأولى أن
يصاما معاً وفرادى امتثالاً لعموم الأمر بمخالفة أهل الكتاب"([21]).