الصوم في السفر لمن يشقّ عليه:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلل عليه فقال: ((ما هذا؟)) فقالوا: صائم،
فقال: ((ليس من البر الصوم في السفر))([31]).
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة
في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماءٍ
فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام.
فقال: ((أولئك العصاة أولئك العصاة))([32]).
قال ابن دقيق العيد: "أخذ من هذا أن كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل
هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من
القربات، ويكون قوله: ((ليس من البر الصيام في السفر)) منزلاً على مثل هذه
الحالة"([33]).
وقال ابن تيمية: "والصحيح أنه إن شق عليه الصوم بأن يكون ماشياً أو لا يجد
عشاءً يقوّيه، أو بين يديه عدوّ يخاف الضعف عنه بالصوم، أو يصير كلاًّ على
رفقائه، أو يسوء خلقه، ونحو ذلك؛ كره له الصوم، وكذلك إن صام تعمقاً
وغلواً، بحيث يعتقد أن الفطر نقص في الديّن ونحو ذلك"([34