الصيام يربي في النفس حقيقة الإخلاص لله عز وجل:
قال ابن القيم: " والصيام لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فإنّ الصائم
لا يفعل شيئاً، وإنّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك
محبوبات النفس وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته، وهو سرُّ بين العبد
وربه، لا يطَّلعُ عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات
الظاهرة، وأما كونه تَرَك طعامه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمرٌ لا يَطَّلِعُ عليه بشرٌ، وذلك حقيقة الصوم " ([12]) .
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (( قال الله: كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاَّ الصِّيام فإنه لي وأنا أَجْزِي بِهِ )) ([13]) .
قال مجاهد: " قوله في الحديث: (( الصِّيام لي وأنا أجْزِي بِهِ )) ولا يكون لله خالصاً إلاَّ بانفراده بعلمه دون الناس " ([14]) .
وقال ابن بطال: " فالصيام وجميع الأعمال لله، لكن لما كانت الأعمال الظاهرة
يُشْرِكُ فيها الشيطان بالرياء وغيره، وكان الصيام لا يطلع عليه أحد إلا
الله، فيثيبه عليه على قدر خلوصه لوجهه، جاز أن يضيفه تعالى إلى نفسه "
([15]).
وقال القرطبي: " الصوم سر بين العبد وبين ربه لا يَظْهَر إلاَّ له ؛ فلذلك صار مختصاً به " ([16]) .