س: ما حكم الأكل والشرب والمؤذن يؤذن أو بعد الأذان بوقت يسير ولاسيما إذا لم يعلم طلوع الفجر تحديداً؟
ج: الحد الفاصل الذي يمنع الصائم من الأكل والشرب هو طلوع الفجر؛ لقول
الله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ
لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ...} [البقرة: 187].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «كلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»(29).
فالعبرة بطلوع الفجر.. فإذا كان المؤذن ثقة، ويقول إنه لا يؤذن حتى يطلع
الفجر؛ فإنه إذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، وأما إذا كان المؤذن
يؤذن على التحري فإن الأحوط للإنسان أن يمسك عند سماع أذان المؤذن، إلا أن
يكون في برية ويشاهد الفجر فإنه لا يلزمه الإمساك ولو سمع الأذان حتى يرى
الفجر طالعاً إذا لم يكن هناك مانع من رؤيته؛ لأن الله تعالى علَّق الحكم
على تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والنبي صلى الله عليه
وسلّم قال في أذان ابن أم مكتوم: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر..».
وإنني أُنبه هنا على مسألة يفعلها بعض المؤذنين وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر
بخمس دقائق أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا من باب الاحتياط للصوم. وهذا
احتياط نَصِفه بأنه «تنطع» وليس احتياطاً شرعياً.. وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلّم: «هلك المتنطعون»(30) وهو احتياط غير صحيح؛ لأنهم إن احتاطوا
للصوم أساءوا للصلاة. فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر،
وحينئذٍ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذَّن قبل صلاة الفجر
يكون قد صلَّى الصلاة قبل وقتها، والصلاة قبل وقتها لا تصح. وفي هذا إساءة
للمصلين، ثم إن فيه أيضاً إساءة إلى الصائمين؛ لأنه يمنع من أراد الصيام من
تناول الأكل والشرب مع إباحة الله له ذلك. فيكون جانياً على الصائمين حيث
منعهم ما أحل الله لهم، وعلى المصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت وذلك مبطل
لصلاتهم.
فعلى المؤذن أن يتقي الله عز وجل، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة